محمد عبدالوهاب في مرآة نجيب محفوظ بقلم أحمد فضل شبلول

كان يخيل لنجيب محفوظ عندما كان يستمع إلى محمد عبدالوهاب في أدواره الأولى أنه يستمع لسيد درويش، فقد كان – عبدالوهاب – واقعًا تحت تأثيره تماما، مثل “كلنا نحب القمر”. ثم بدأ عبدالوهاب يدرس أفكار الغناء العالمي وأوزانه، ويطعم بها ألحانه، فخرج من مزيج الاثنين. 

ويرى محفوظ أن فن عبدالوهاب في غاية العذوبة، صوتًا ولحنًا. إنه يستلهم ويستلهم ثم يضيف. ويقول عنه: عبدالوهاب ميزته الصوتية عظيمة، فصوتُه جميلٌ ومحبوبٌ. ولا يمكن أن تجد أغنية لعبدالوهاب خالية من شيء يجذبك حقيقة. وقد التقيته مرتين في منزل الدكتور مصطفى محمود، كان يقول لي: “وحشني ياسين (من أبطال الثلاثية) .. ماذا يفعل الآن؟”.

وعندما يسأله الكاتب الصحفي لمعي شلبي في حوار منشور في جريدة “الرأي الأردنية” (بتاريخ 18 نوفمبر 1993) مَن الذين أمتعوك؟ يجيب محفوظ: كثيرون، أم كلثوم، محمد عبدالوهاب، فريد الأطرش، عبدالحليم حافظ، أسمهان. كل هؤلاء أمتعوني وأمتعوا كل ذواقة الطرب ومحبي السمع.

وعندما تسأله إحدى القارئات في مجلة “الاثنين” بعددها 1347 (بتاريخ 10 أبريل 1960): ما هي أحب الأغنيات إلى قلبك؟ يجيب محفوظ: أي أغنية لأم كلثوم أو محمد عبدالوهاب. وأغنية “في يوم في شهر في سنة” لعبدالحليم حافظ، وأغنية “أنا عشقت أنا هويت” لسيد درويش، وأغنية “يامه القمر ع الباب” لفايزة أحمد، و”هويدا لك” لصباح، و”برهومة حاكيني” لنجاح سلام، و”تسلم تسلم” لأخينا طلب.

لقد درس نجيب محفوظ الموسيقى في معهد الموسيقى العربية أيام دراسته الجامعية، وتدرَّب على العزف على آلة القانون وتعلم كتابة النوتة الموسيقية، وحفظ عدة بشارف، ورأيناه يعزف عليها في بعض البرامج التلفزيونية التي كان ضيفَها. ومن هنا فإننا نثق في حُكمه واختياراته الموسيقية والغنائية لأنها تصدر عن أديب وكاتب درس الموسيقى والفلسفة، وليس مجرد هاوٍ لهما.

أضف تعليق