سيدنا عمرو بن العاص لما فتح مصر أراد أن يبني مسجدا، وأراد أن يبنيه واسع ليسع جمع المسلمين.
فأراد أن يشتري قطعة أرض كانت لسيده نصرانية، فطلب منها فرفضت.
قالت: أن الأرض خاصة بأيتام هي ترعاهم، وليس لي أن أبيعها .
بصراحه حجةالسيدة القبطية كانت قوية، لكن في نفس الوقت، كان المسلمين محتاجين الأرض ليوسعوا الجامع.
فحال عليها عمرو بن العاص – وكان داهية – على السيدة المسيحية بحيلة ليأخذ الأرض، ولكنها غضبت واشتكته إلى القساوسة والرهبان بالكنيسة.
فأشاروا عليها أن تذهب إلى المدينة المنورة حيث الخليفة عمر بن الخطاب، لتعرض عليه شكواها.
أخذت السيدة خادمها وسافرت إلى المدينة المنورة.
ولما وصلت سألت على خليفة المسلمين ، فدلوها عليه، ولكن السيدة تعجبت لحاله فلباسه بسيط، ولا يوجد له حرس، فشكت السيدة في أنه أمير المؤمنين، فسألته: أأنت عمر؟ ، قال لها نعم .
قالت أنت أمير المؤمنين – وهي تتعجب – قال لها : نعم
وقالت: أنا جئت من مصر شاكية وليك عليها عمرو بن العاص، وحكت له القصه باختصار .
فأخذ عمر قصاصة من الورق وكتب عليها جملة واحدة فقط ..
(ملك كسري … ليس بأعدل منا .. والسلام علي من اتبع الهدي).
وقال لها اعطيها لعمرو بن العاص .
أخذت السيدة الورقة وانصرفت، وحينما قرأتها تعجبت، ما هذا الرجل ؟ .
هل جئت من آخر الدنيا ، كي يعطيني هذه الورقة،
أين عدل عمر الذي يتحدثون عنه ؟ وغضبت ألقت الورقة على الأرض.
فالتقطها الخادم دون أن تراه، وذلك ليعطيها للقساوسة، ليروا كيف أهاننا عمر بن الخطاب أمير المؤمنين.
المهم عادت السيدة القبطية إلى مصر فقابلها رجال الكنيسة وسالوها، فحكت لهم ما حدث ..
سألوها عن قصاصة الورق، قالت لهم ألقيتها في الأرض..
طبعا لاموها جدا القساوسةوالرهبان، وقالوا لها : لماذا لم تحتفظي بها كي نثبت للناس زيف المسلمين وكذبهم.
وهنا أخرج الخادم الورقة وقال لهم:لقد أخذت الورقة وجئت بها.
ففرح القساوسة بالورقة، وذهبوا بها ليواجهوا عمرو بن العاص
وحين وصلوا انتظروا مقدم عمرو بن العاص، وحين أقبل في موكبه يلبس أفخر الثياب وحوله الحراس والجنود وقد بدت عليه مظاهر القوة والعزة والهيبة
فلما ترجل عن فرسه.
اقترب منه كبير القساوسة وحكى له ما حدث وسلمه قصاصة الورق.
فتح الأمير عمرو بن العاص الورقة وقرأ:
(مالك كسري ليس بأعدل منا……والسلام علي من اتبع الهدي)..
تحكي السيدة القبطية أن سيدنا عمرو بن العاص عندما قرأ الورقة اصفر وجهه و ارتعشت قدماه حتى كاد يسقط على الأرض فأسند ظهره علي الحائط.
وقال للسيدة القبطية:
جئت الجامع لأصلي، فلو شئت امهلتيني أصلي ثم أهدم المسجد في الجزء الخاص بك، ولو شئت بدأنا في هدمه الآن.
ذهلت االسيدة القبطية وذهل القساوسة مما رأوا وقالت: بل صلي، ولكني أرجو أن توضح لي ماذا تعني هذه الورقة؟
قال سيدنا عمرو بن العاص: أن خليفة المسلمين عمر بن الخطاب قبل إسلامه، كان قد ذهب في رحلة إلى بلاد الفرس…
وكان ملك كسري يقيم ليالي الاحتفالات بأعياد الميلاد لأولاده أمام قصره.
وكان يوقف الاحتفالات عندما تمر سيدة عجوز ببقرتها من أمام القصر…..
ثم تستأنف الاحتفالات بعد مرورها.
وفي أحد الأيام وبينما المرأة تمر ببقرتها أمام قصر الملك غاطت البقرة (يعني تبرزت بالظبط أمام مجلس الملك) .
فغضب أحد حراسه وقام بالسيف وقطع رقبة البقرة.
فما كان من ملك كسري إلا أن أمر بقطع رقبة الحارس في الحال.
ذهل سيدنا عمر بن الخطاب وسأل من هذه المرأة العجوز؟
قالوا: إنها كانت تملك أرضا خلف قصر الملك ترعي فيها بقرتها، فلما أراد الملك كسري توسعة القصر طلب منها تبيعه الأرض فرفضت، فعرض عليها أرضا أكبر من أرضها وأكثر خصوبة، في الجهة المقابلة للقصر.
فقالت العجوز للملك: أخاف أني عندما أمشي ببقرتي أمام القصر تمنعوني.
فتعهد لها كسري ألا يتعرض لها أحد.
فلما خالف الحارس عهد الملك .. قتله
طبعا سيدنا عمرو بن العاص
لما قرأ الرسالة: (ليس ملك كسري بأعدل منا… والسلام علي من اتبع الهدي).
فهم فورا أن الخليفة عمر بن الخطاب بيهدده بقطع رقبته، إذا ظلم السيدة القبطية.
فما كان من عمرو بن العاص إلا أن هدم هذا الجزء من المسجد، وعادت ملكيته إلى الكنيسة إلي يومنا هذا….
فيا نصارى مصر، هذا هو إسلامنا .
خليفة المسلمين سيدنا عمر بن الخطاب كان مستعدا أن يقطع رقبه واليه على مصر من أجل قطعة أرض لسيدة مصرية.
حكمت فعدلت فأمنت فنمت ياعمر …
حمدا لله على نعمة الإسلام .
إن الدين عند الله الإسلام.
دين عدل وسماحة وسلام.
إذا اتممت القراءة فاحمد الله على نعمة الإسلام.